عودة لراذرفورد :
دعونا نسقط تفسير راذرفورد على الوضع , عسانا نجد طريقاً للتفكير بشكل منطقي وسط طوفان التساؤلات اللاهثة المتداعية .
فلابد و أن إرادة الشعب و المجلس العسكري اصطدمت بنواة " خفية " " كثيفة " " شديدة الصلابة " أدت لهذه الردة .
ولكن يبقى السؤال الأكثر لهاثاُ . . إرادة من ؟
الإجابة الأقرب لمن يريد إراحة ذهنه سوف تكون " يا صديقي الأمر لا يحتاج لكل هذه الحيرة و تضخيم الأمور , لقد أجبت أنت اثناء كلماتك على سؤالك , إنها إرادة النخبة بما تملكه من مال و إعلام لاهث و راء المال يدافع عن إيديولوجية مدججة بالبنكنوت "
أقول إن الأمر ليس بهذه السطحية , لا تظلموا النخبة , فالنخبة الحقيقية أقصيت و استبدلت بنخبة وهمية مصنوعة أو " متنخوبة ", و هذه النخبة " المتنخوبة " ما هم إلا قطع شطرنج بائسة , لا تملك أن تقف في الرقعة إلا على المربع الذي توضع فيه بواسطة قوة أكبر .
هؤلاء "المتنخبوين" هم أتباع إيديولوجياً و مادياً لسيد غائب ظاهرياً عن المشهد , يتخذ منهم ستاراً بحيث يحاول أن يجعلهم و كأنهم هم سبب هذا التحول في المشهد , ليخفي الحقيقة الأهم , و هو أنه اللاعب الحقيقي.
إن الذي يجبر المجلس العسكري بكل هيبته و وقاره و وطنيته أن يتخلى عن وعوده , ليس صراخ شباب مأفون يحركه "المتنخبوون" فيهدد بغلق قناة السويس أو يغلق مجمع التحرير لثلاثة أو أربع ايام .
كلا .
إن المجلس العسكري بكل إمكاناته الاستخباراتية لا يستطيع طفل صغير أن يقتنع بأنه قد انخدع بإقصاء الإعلام الموجه للنخب الحقيقة ( مثل المستشار طارق البشري فقيه القانون المفكر الإسلامي و حتى الليبراليين المعتدلين مثل أستاذ العلوم السياسية عمرو حمزاوي و دكتور مصطفى النجار و غيرهم كثير..) لتحدث عملية " نخوبة " مخادعة لتضخيم مجموعة متطرفة من "المتنخبوين " اللذين ليسوا بنخبة من أمثال المهندس ( السوبر مهندس الذي اصبح فجأة عالم سياسية و دين و اقتصاد و اجتماع و تاريخ و رقص شعبي , و سب الشعب المصري كله على شاشات الفضائيات و الذي يدفع أموال لا يعرف مصدرها لتحريك البلاد في الاتجاه المعاكس لإرادة الشعب ) ومن أمثال (الطبيب اللذي اكتشف فجأة أنه يجيد التحدث عن الشريعة الإسلامية فقال" إيه دخل ربنا في السياسة" )
شهادة خبير إعلامي :
اقتبس هنا تصريحات الخبير الإعلامي اللامع طارق نور لجريدة الشرق الأوسط بتاريخ 21 يوليو 2011عن كم الفضائيات و الجرائد التي أطلقت بعد 25 يناير :
يقول " أن الصحافة والإعلام يعدان الآن أكبر جيش في أي بلد، لأنه يؤثر على الرأي العام "، وقال: "لا يوجد هناك رأي عام، الرأي العام هو الرأي المنشور، الرأي العام الموجود هو يعبر عن رأي النخبة المحدودة وخاصة الصحافية"
"وسائل الإعلام الخاصة الجديدة خاصة القنوات الفضائية تعد وسيلة دفاع شرعية لأصحاب النفوذ من رجال الأعمال والسياسيين وجماعات المصالح"
أوضح نور أن عمل القنوات الفضائية هذه ليس لها علاقة بالتجارة أو الاقتصاد أو حسابات الربح والخسارة، بل هي أجندة مختلفة تتعلق بالسياسة والمصالح، وهذه الأجندة تأخذ وجهين: الأول أن يدافع رجل الأعمال عن نفسه، والثاني لكي يغير شيئا ما في المجتمع لصالحه أيضا.
أقول . . أبداً لا ينخدع المجلس العسكري بهؤلاء فيتوهم أنهم الشعب . . ومن ثم يمضي إرادتهم . . هذه دعابة سمجة .
لذا أقول إنها ليست النخبة , و ليس الشباب المافون اللذين أغلقوا مجمع التحرير أو هددوا بغلق القناة .
(تابع المقال الثالث غداً إن شاء الله)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق